“مهرجان أبو ظبي للشعر” .. عندما يُسهم الشاعر في ترسيخ الانتماء للدولة
نظرٌ في الشعر الفصيح والشعبي وأبعاد الإبداع المنظومِ المعززة للانتماء، حضر في “مهرجان أبوظبي للشعر” المنظم بالعاصمة الإماراتية، التي شهدت أيضا إماطة اللثام عن ديوان الشيخ زايد الشعري الذي أخذ إعداده أزيد من أربعين سنة، ومن المرتقب أن يصل المكتبات في وقت لاحق.
دور الشعر في تأسيس الدولة
غسان الحسن، متخصص في الشعر النبطي عضو لجنة تحكيم برنامج “شاعر المليون”، روى “القصة الطويلة لديوان الشيخ زايد منذ أكثر من أربعين سنة”، وبدء العمل على صيغته هذه جمعا وتنقيحا وتصميما وكتابة منذ سنة 2006، إلى أن خرجت هذه السنة الصيغة النهائية ضامة 144 قصيدة، وهي جميعُ قصائد الشيخ زايد، “مشكولة ومكتوبة بشكل جيد”.
فقد كان “شاعرا مكثرا، وينبع شعره من وعي، وأقصد الشعر كوظيفة، وكان مدركا لدور الشعر والشعراء في تأسيس الدولة الجديدة من حيث المدنية والحضارة”.
وأضاف المتدخل: “كان الشيخ زايد يستقطب الشعراء بشكل واضح (…) ولم يُمدَح بهذا القدر من القصائد أحد مثل الشيخ زايد، لكن ما كان هدفه المدح، بل أن يكون الشعراء لسان إيصال فكرة تأسيس الدولة، والتبشير بالجيل الجديد الذي يُبنَى ليحمل هذه الحضارة”.
وتابع: “لقد أسس مجالس الشعراء، وهي أربعة مجالس في الدولة، وكان العضو فيها يتقاضى راتبا، ولكل مجلس رئيس، ولكل مجموعة من الشعراء بيت للشعر، يتبادلون فيه الآراء والقصائد، ولهم مكان في التلفزيون والراديو والصحف. وكان الشيخ زايد يستقبل الشعراء، ويستمع إليهم، ويوجههم، وليس المقصود التوجيه الأدبي والفني بل التوجيه الموضوعي”.
وقدم الحسن مثالا بشعراء كانوا “جريا على العادة السابقة يتفاخرون بقبائلهم وصنائعها”، لكن “بأسلوب لطيف”، كان مؤسس دولة الإمارات يطلب من الشاعر التوقف مثلا إذا ما ربط “المجد بالسيف”، ويقول له: “نحن الآن في عصر سلام ووئام، وكلنا دولة واحدة، لا نحمل سيوفا، وجيراننا نحن معهم في سلام ووئام، وليس بالضرورة بناء المجد بالسيوف”، فيتحدث الشاعر في مجلس لاحق عن الأخوة التي جمعت الناس بعد العداوة، وهكذا “يسير الشاعر في سياق الدولة والحضارة التي تبنى”.
الأمر نفسه كان يحدث إذا ما افتخر الشاعر بقبيلته، فقد كان يقول زايد: “لم نعد قبائل، بل نحن شعب واحد هو الإمارات، ولا يلزَم أن نتحدث عن العصبية القبلية وتفوق قبيلة عن أخرى”، ليرجع الشاعر في مجلس من المجالس وهو يقول شعرا يتحدث عن وحدة أصابع الكف، وقوة الأعواد وعادةِ العود الوحيد في الانكسار”.

الثقافة جامعة
شهادة غسان الحسن عن دور الشعر في بناء انتماء القبائل المؤسسة لدولة الإمارات، انطلاقا من “إدراك ما للشعر من دور في الثقافة وبناء الإنسان”، ما كانت فردا في الملتقى، فقد تكرر الحديث عنها في عدد من جلسات المهرجان، فتحدث الأستاذ الجامعي حسين سالم السرحان، الذي سير إحدى الجلسات، عن “الحس الثقافي والإنساني” الذي ساهم في “تحويل المشهد الثقافي إلى مشهد فيه حياة وقواسم مشتركة بين الأمة”؛ فـ”الثقافة فعل إنساني جميل، وتعظّم القواسم المشتركة، وتبقى في الأرضِ ففيها نفع كبير للناس”.
راشد المزروعي، المدير العام لمركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات، تطرق إلى “دور الشعر الشعبي في ترسيخ الهوية الوطنية”، وانطلق من مثال شاعر حديث هو عيسى بن قطامي، الذي كان “معبرا عن وجدان شعبي”، و”لسانا ومرآة للثقافة الشعبية”، نظرا لأن الشعر الشعبي “كثيرُ التداول، لعفويته، وبساطة لغته، وتعبيره عن هموم الناس دون تعقيد، وهو ذاكرة الأجيال الثقافية، المسجل لتاريخهم المليء بالأحداث، وهمزة وصل بين ماضيهم وحاضرهم، وهو نتاج جماعي للشعب كله”.
هذا الشاعر “قوي الأسلوب والمعنى والبلاغة”، كان يعبر عن “خصوصية الوطن والقضية الوطنية، واهتم بحب الوطن وقاداته، وتثمين دور قادة الوطن وعلى رأسهم الشيخ زايد، وكان يعبر عن نهضة وطنه التي عاصرها”، ومن بين الأغراض التي كتب فيها الدين، الذي له دور في ترسيخ الهوية الوطنية أيضا.
ونبه المزروعي إلى أن دور الشعر الشعبي في “ترسيخ الهوية الوطنية” مرتبط أيضا بـ”خصوصية اللهجة المحلية ودورها في خصوصية الهوية الوطنية”؛ فـ”اللهجة تحفظ المجتمع، بالتواصل، وتعبر عن خصوصية مكان أو دولة ما”، وبالتالي نظرا إلى “خصوصية اللهجة الإماراتية”، وبقرب المواضيع والقيم من المستمع، كان “الشعر أداة فعّالة في ترسيخ الهوية الوطنية”.
محمد البريكي، مدير مهرجان الشعر العربي بالشارقة، تحدث من جهته عن رموز تعزز الانتماء في الشعر الشعبي الذي هو “امتداد للشعر العربي وجزء منه، لغة ومضامين وأفكارا”؛ فيحضر الصقر “هوية ورمزا للإماراتي”، كما يتحقق القرب للمستمع الذي يجد في القصيدة الحديث عن “الشجرة التي يعتبرها الشاعر أمه أو أخته التي يحن إليها”، و”القمر الذي يكون ثالثَه مع حبيبته”.
وواصل: “النخلة، الكريمة التي تجود على الإنسان، حظيت بالاهتمام الكبير، وقدرها أهل الإمارات، فانعكس ذلك على قريحة الشعراء”.
المغرب يعزز قدراته الدفاعية بنشر وحدات متخصصة في الحرب الإلكترونية بالشمال
في خطوة تعكس تطور استراتيجيته الدفاعية، قام المغرب مؤخرًا بنشر وحدات متخصصة في الحرب الإلك…