الرئيسية | أخبار | هل بدأ الحراك يفقد حاضنته الشعبية؟

هل بدأ الحراك يفقد حاضنته الشعبية؟

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
هل بدأ الحراك يفقد حاضنته الشعبية؟

رغم أن عددا من الإشارات المنبعثة من مبادرات الحراك الشعبي تثير عددا من التساؤلات والتوجسات، وهي التي تسيطر، في المقام الأول، على العقل السلطوي والأمني، فإن تواتر الهجوم على النشطاء لمنعهم من تنظيم احتجاجاتهم السلمية، أمر غير مقبول ومندّد به. ومبادراتهم لم تهدد الأمن العام. وحتى في هذه الحالة، تُحرك القوات العمومية طبقا للقانون، وليس ضرب الشعب بالشعب أو دفع ما يعرف ب"البلطجية" إلى الساحة، لإحداث السيبة أو ما لا تحمد عقباه، وكأن البلاد ليس فيها قانون ومؤسسات منظمة. وقد كان إلياس العماري حكيما حين قال: " حذاري من مواجهة الاحتجاج بالاحتجاج، ومن أكذوبة إدعاء طرف واحد احتكاره الدفاع عن مصالح الوطن وعن استقراره".

كمتتبعين، وكمعنيين يجمعنا العيش المشترك فوق هذه الأرض المباركة، نود أن نطرح السؤال التالي: هل بدأ الحراك يفقد حاضنته الشعبية؟ بعد توالي الهجومات، وظهور حركة ضمير، وإقصاء عدد من الناشطين بسبب الرأي، وتوالي التشويه الإعلامي للحراك ...إلخ.

سنقف على مجموعة من الإشارات التي تدعو إلى التساؤل حول الدوافع والغايات الثاوية في نفوس نشطاء الحراك، أو في نفوس المتربصين وينتظرون أن ينتهي دور "النشطاء السذج"، لتبدأ مرحلة التخريب وعدم الاستقرار. وقد برز على عدد كبير من صفحات الفايسبوك سؤال: "فين غاديين بينا؟".

ونستعرض هذه الإشارات والتساؤلات كما يلي:

·         إنْ كانت المطالب مشروعة فلماذا لا تفرز قيادة للحراك الشعبي تتولى الحوار والتفاوض مع الجهات المعنية بالاستجابة؟

·         إن كانت المطالب تهم إقليم الحسيمة، فلماذا الخروج إلى إقليمي الدريوش والناظور، ولماذا رفض بناء تنظيم ينسق بين مواقع الحراك؟

·         إن كانت المطالب اقتصادية واجتماعية وحقوقية، فلماذا التلكؤ عن الحوار وفتح قنوات التواصل مع الفعاليات والسلطات والمجالس والأحزاب والنقابات والجمعيات، والاتفاق على الحد الأدنى ...؟ فالمعروف أن المطالب الصعبة التحقيق هي المطالب السياسية.

·         ما دلالة تكاثر إثارة الملك في خطاب النشطاء والكلمات الموجهة على المباشر، خاصة كلمة الزفزافي وهو عائد من إمزورن، وبأسلوب خال من اللياقة واللباقة في مخاطبة ملك البلاد؟

·         أي معنى لهذا التهافت في إعلان تعرض الزفزافي لمحاولة الاغتيال، آخرها بإمزورن يوم 04/05/2017؟ وإذا كنا في موقع لا يسمح لا بنفي المحاولة ولا بتأكيدها، فهذا لن يمنع الإشارة إلى رواية أخرى لما حدث؛ وهو أن الشخص الذي اقترب من ناصر كان يجادله حول تخلي الحراك عن المعتقلين (يقصد معتقلي امزورن) وحمل له المسؤولية لما يصيب وسيصيب ساكنة إقليم الحسيمة، وهذا أكده ظهور المتهم بالبلطجة في تسجيل مباشر.

·         إذا كان النزول إلى الأحياء، وبعض مراكز الجماعات، رداً على الوالي اليعقوبي، وتعبئةً لكي يظل الحراك "باق ويتمدد"، أمر يحسب للحراك وقيادته في قدرتها على المبادرة وتنويع الأشكال النضالية، حتى لا ينجح الوالي في "قطع روافد الحراك حاضنته"، فإن إخراجها، في مواكب، كزيارة واستقبال بالتمر والحليب وقص للشريط (تدشين أم تحرير!؟) وافتراش الزرابي ... هي أمور تثير الاستغراب من هذا "الزعيم الجديد" في من يُشْبه وبمن يَتَشَبَّه؟ قد يصل الأمر إلى التساؤل حول قدراته التمييزية ومستواه الثقافي، خاصة أنه لم يعد سراً انفراده بالقرار وإقصاؤه لكل من تجرأ على إبداء رأي مخالف (مرتضى، شاكر...)؟

·         المتتبع لخطاب الحراك الشعبي، لا يجد فيه سوى طغيان الهجوم على المؤسسات والأحزاب السياسية والمنتخبين والجمعيات، وكل شخص له رأي مخالف لما يسير عليه الحراك وقائده "المقدس" و"المعصوم" و"الشريف"، وليس في الأفق أي استعداد لأي لقاء أو حوار، يخلص (المتتبع) إلى أن النشطاء لهم هم واحد، هو: بقاء الحراك وتمدّدُه إلى باقي مناطق الريف وإلى المغرب كله.

·         المنهجية الخاطئة في قيادة الحراك، لا تظهر فقط في عدم القدرة اقتحام "ساحة الحوار والتواصل"، ولكن أيضا في عدم القدرة من الاستفادة من مبادرات قد يكون فيها جانب من الفائدة للحراك، كتشكيل لجنة وطنية للتضامن مع الحراك الشعبي وقرارها بتنظيم قافلة تضامنية إلى الحسيمة، فالزفزافي تهكّمَ من هذه اللجنة ورفضَ القافلة، وطالب، بخطاب الناصح والوصي، بالحراك في الرباط.

·         المنهجية الخاطئة في قيادة الحراك، تبدو واضحة، كذلك، في عدم القدرة على التحكم المعقلن والمدروس في الإشارات التي تبعث من خلال الخطاب ومن خلال الصور من الساحات، فإضافة لما ذكر، نجد غياب مطلق للراية المغربية مقابل حضور راية جمهورية الريف، عوض التركيز على المطالب المشروعة والأسباب الحقيقية لانتشار مظاهر الفقر والتهميش والإقصاء والظلم، نجد إطنابا في السب ومسخرة الدولة ومؤسساتها، بل إعلان الدخول في تحدٍ غير مفهوم، حين القول "سأصْرَع المخزن"، (من الصرع- داء الكلَب) (كترجمة ل"أَذَسْمُوزَّاغْ رْمخزن").

·         وحسب البعض، فإن هجومات ناصر الزفزافي على الأشخاص باستعمال أقدح الأوصاف، أمر لا يليق بمقام مناضل وقائد لحراك شعبي، يكرس ما ذهب إليه الكثير، بأنه ظاهرة كلامية بجرأة قوية ونادرة في غياب أي حدس سياسي تكتيكي معين وربما في غياب حتى للحد الأدنى للأخلاق.

لا نهدف من وراء هذا المقال أن نوجه النقد من أجل النقد للحراك وقيادته، ولكن نقدم رأينا حول ما نعيشه ونراه وما نقدر أنه الأفضل حسب اعتقادنا. ولا نريد للحراك أن يفقد حاضنته الشعبية.

سمير بوشيب

الإشتراك في تعليقات نظام RSS التعليقات (0 منشور)

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك