الرئيسية | آراء | أين حظ الريفيين من التنمية

أين حظ الريفيين من التنمية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
أين حظ الريفيين من التنمية

 

إذا كانت منطقة الحسيمة قد عانت عقودا طويلة من التهميش والإقصاء من البرامج التنموية، فإنها أصبحت في السنوات الأخيرة محط اهتمامات تنموية لا يستهان بها، تتعلق بمشاريع اقتصادية واجتماعية وثقافية ومجالية كبرى، خففت إلى حد ما مستوى العزلة والتهميش، الذي خيم طويلا على أهل المنطقة وبيئتها. لكن الآن، ما يؤاخذ على هذه المشاريع التنموية هو تواتر تعثراتها وفوضى تسييرها، نتيجة غياب التصورات الشمولية في التدبير، القائمة على المقاربات المندمجة والمتناسقة، وكذا غياب المنهج ألتشاركي بين كل الفاعلين المعنيين بالمشروع ولا سيما السكان، مما أثر ذلك سلبا على عجلة التنمية بعموم منطقة الحسيمة.

ومن بين هذه المؤسسات المجهولة، بالنسبة لنا لكنها موجودة بالشمال و بمدينة الحسيمة منذ سنوات،  مؤسسة وكالة تنمية الأقاليم الشمالية، وكالة استفادت منذ سنوات من برامج دولية، و من تمويل ضخم رصد إليها من طرف الشركاء الأوروبيين، و المنظمات الدولية،  لتنمية منطقة الريف، و الذي أصبحت فيها الوكالة بمثابة الوسيط الوحيد لهذه البرامج التنموية، التي استهدفت تحسين الوضعية السوسيو اقتصادية لساكنة الريف.

و في السنوات الأخيرة، سرعان ما اتضح للعموم أن الشعارات التي كانت تنادي بها الوكالة سواء في موقعها على الانترنيت أو من خلال تصريحات بعض مسئوليها حول مصداقية عملها في الشمال، ما هي إلا مغالطات لتظليل الرأي العام  المحلي عن الحقائق التي تخفيها وعن طريقة تسييرها للمشاريع التي لا نعرف عليها شيء في الحسيمة سوى حافلات النقل المدرسي التي وزعت على جمعيات بعيدة كل البعد عن مفهوم التنمية،

فمنذ إحداثها لم يسبق لها أن وضعت ولو فرعا واحدا بالإقليم، ماعدا مكتب صغير بأحد بنايات المدينة يسيرها شخص بدون مهام، تقوم فقط بالمراسلات مع إدارة المركز و تمثيلية الوكالة في اللقاءات المحلية، و حتى اليوم المقر الذي يتوفرون عليه هو الطابق العلوي الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية بالحسيمة. 

منذ إعطاء الانطلاقة لبرنامج التنمية القروية المندمجة بمقر الولاية في سنة 2013،على يد الوالي السابق السيد محمد الحافي و في سرية تامة، مع حضور بعض الفاعلين المحسوبين على الولاية، تبين أن هذا المشروع له خصوصياته و مناهجه الخاصة, و لقد ظهر ذلك جليا من خلال الطريقة المتبعة في تنزيل هذا البرنامج ، و كيفية انتقاء العاملين به، إذ اتبعت الوكالة كعادتها منهجيتها الخاصة، بجلب موظفين من مدينة الرباط، و مدن أخرى، لتوظفهم في هذا المشروع و تعيينهم في مناصب المسؤولية علما أن أغلبيتهم ليست لهم أية ذراية، لا بالتنمية بمنطقة الريف، و لا و بخصوصيات ساكنة المنطقة، ومن اجل ستر المستور التجأت الوكالة إلى انتقاء بعض الموظفين المحليين الذي منحت لهم مهام باستغلالهم في جمع المعلومات من الساكنة، و في غياب أي مقاربة تشاركية مع الفاعلين الحقيين من جمعيات و هيأت مدنية محلية، مع نهج سياسة التهميش إزاء القدرات البشرية المحلية و الخبرات التي تزخر بها منطقة الحسيمة، فالوكالة لم تلتجئ كما هو جاري به العمل في هذه الحالات إلى الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل و الكفاءات، التي هي خزان معلوماتي حول مختلف الكفاءات المحلية يمكن لأي إدارة الاستعانة بها.

من هنا يتضح ان الوكالة قامت بتسخير جميع الآليات لجعل الطاقم البشري المنفذ لهذا المشروع مكون من عناصر خارج النطاق الجغرافي الذي سينفذ فيه المشروع، في غياب أي مقاربة تشاركية مع الفاعلين المحليين أو مع المؤسسات المحلية، ضاربا عرض الحائط ابسط ركائز العمل التنموي، و مبادئ تكافئ الفرص، إذ حسب مجموعة من الشباب و شابات المنطقة الذين تقدموا بترشيحهم لشغل مناصب داخل المشروع الذي تسيره الوكالة، لكنهم لم يتوصلوا بأي جواب، ولو بإخبارهم أنهم لم يتم انتقائهم.

في الوقت الذي يجمع فيه خبراء التنمية دوليا على ضرورة نهج مقاربة تشاركية في كل ما يتعلق بالتنمية و آلياتها، نرى كيف أن السلطات الوصية تتشبث بفكرها ألتمركزي و عدم مواكبة متغيرات الساحة التنموية عالميا، و إذا أراد الاروبيين مساعدة الريف يجب أن يشرفوا على هذه التمويلات بأنفسهم أما إشراف عليها مثل هذه الوكالات فهذا  يسوي كمن يفرغ الماء في الرمال.

و تعتبر هذه التصرفات مخالفة، لمبادئ تفعيل مشروع الجهوية الموسعة الذي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس انطلاقته، لما يستدعي على الجهات لعب دور أساسي في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وفي هذا الصدد، نتمنى من السلطات المحلية و على رأسها والي الجهة، التدخل من اجل الكشف عن الخروقات التي شابت هذا المشروع من أوله إلى آخره.

الإشتراك في تعليقات نظام RSS التعليقات (0 منشور)

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك