الرئيسية | آراء | وزير التربية راحل لا محالة وهيئة التفتيش باقية وللمنظومة التربوية حامية

وزير التربية راحل لا محالة وهيئة التفتيش باقية وللمنظومة التربوية حامية

بواسطة
حجم الخط: Decrease font Enlarge font
وزير التربية راحل لا محالة وهيئة التفتيش باقية وللمنظومة التربوية حامية

 

من سوء الطالع بالنسبة للمنظومة التربوية في بلادنا أنها ابتليت بمجموعة من الوزراء الذين تناوبوا عليها ، وكانوا سببا مباشرا وراء ما تعانيه اليوم من خراب تعرفه الدوائر الدولية المختصة التي تصنف بلدنا في المراتب المتأخرة عالميا حسب مؤشر التربية والتمدرس والتعليم ، كما تعترف به الفعاليات التربوية على اختلاف فئاتها ومهامها . ولقد سبق لوزراء سابقين من أطياف حزبية مختلفة أن وجهوا ضربات قاصمة للمنظومة التربوية لا زالت آثارها السلبية متفاعلة لحد الآن . ومع وصول حكومة محسوبة على التيار الإسلامي ، وفي ظرف الربيع المغربي الذي أفرز دستورا جديدا علقت عليه الآمال لتغيير مسار المغرب من أجواء التضييق على الحريات إلى أجواء أخرى أكثر حرية وديمقراطية ،ارتكب حزب العدالة والتنمية خطأ قاتلا عندما اضطر إلى التحالف مع غيره من الأحزاب رغبة في الوصول إلى الحكم ،الشيء الذي كلفه وضع المنظومة التربوية في مهب الريح أو في كف عفريت كما يقال من خلال تمكين شخص لو اعتمدت المعايير الصحيحة لكان آخر من يتولى شأن تدبير وزارة ذات شأن خطير . ومنذ أن سيبت حكومة بنكيران ـ لا سامحها الله ـ قطاع التربية لهذا الرجل الذي هو أقرب للفكاهة والتمشيخر على حد تعبير المغاربة عرفت سلسلة من الانتكاسات بسبب سياسة الارتجال والاندفاع وأساليب عنترية ودونكشوتية مثير للشفقة قبل السخرية . وهكذا غامر الوزير ببيداغوجيا الإدماج بعدما كلفت البلاد أموالا طائلة ذهبت أدراج الرياح دون التأكد من نتائجها لأن الوزير كان يعتمد نقابة حزبه للحكم على منظومة تربوية لا يعرف فيها كوعا من بوع ،وقد صدرت عنه فلتات لسان أمام وسائل الإعلام تدل على ذلك ، ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر التباس التأهيلي عنده بالمهني ، وهو جهل كان يذكره بفخر تخالطه السخرية . وغامر الوزير أيضا بمؤسسات التميز التي عدها ميزا عنصريا ظنا نفسه نيلسون منديلا حين كان يلغي مظاهر العنصرية في بلاده . وظل يعالج كل اختلال يصادفه بتعميم الأحكام دون تمييز بين غث وسمين أوصواب وخطأ. وانتهى به الأمر إلى الشك غير المبرر في كل هياكل الوزارة حتى بلغ به حد توجيه مراسلات مباشرة إلى جهات لها موقعها داخل هيكلة الوزارة ليلغي قرارات طائشة اتخذها في لحظات حماسه الجامح . واستمر في خبطه وخلطه وارتجاله يسخر من كل من يصادفه حتى فاه في حق صبية بريئة بما لا يليق، وهو أمر لا زالت المنظمات الدولية المعنية بحقوق الطفولة تتداوله. ولم ينج من لسانه أحد ، وإذا كان المؤمن يألف ويؤلف ،فالوزير لا يألف ولا يؤلف، بل صارت أطراف المنظومة التربية تتحاشاه، وتتمنى ألا تلقاه وحسبه أن يصير هذا حاله. ولا يخلو اجتماع يعقده من مناوشات مع من يجتمع بهم . وبعدما جرب العبث بكل الفعاليات انتهى به الأمر إلى تجريب عبثه مع هيئة التفتيش حيث تجاوز قدره ولم يجلس دونه، ففكر وقدر ،وانتهى إلى التفكير في تغيير مسار هذه الهيئة وبئس ما فكر فيه وقدر . وعند نتأمل ما فكر فيه نجد خلفيته المكشوفة الصارخة هي الانطلاق من سوء نيته وظنه بالجميع ، و الذي كان وراء كل قراراته الارتجالية ، حيث يحدث بلسان من يقلقهم جهاز التفتيش من المتهاونين، وهم يجهلون التفتيش جهلا فاحشا ،ولا يرون فيه سوى جهازا قمعيا على حد تصورهم ما دام لا يسكت عن تهاونهم دون الحديث عن باقي أدواره ومهامه الفعالة في خدمة المنظومة التربوية . ولما كانت كل الفعاليات التربوية عند هذا الوزير محل اتهام وشك ، فإنه اعتمد ملاحظات سوقية لاتخاذ قرارات ارتجالية لا مبرر لها دون التفكير في عواقبها الوخيمة على غرار قرارات سابقة لوزراء سابقين ـ ومنهم من كان من نفس حزب الوزير ـ حيث أرضوا رغبات أحزابهم ونقاباتهم على حساب المنظومة التربوية ورحلوا مخلفين دمارا هائلا فيها . وهذا الوزير راحل لا محالة في ظرف شد الحبل المتوقع بين حزب العدالة والتنمية وحزبه ، ولكن بخسارة فادحة كما كان الشأن بالنسبة لمن سبقه . ولهذا لا بد أن تقف كل الفعاليات وعلى رأسها هيئة التفتيش وهي قمة الهرمم في المنظومة كما يقال بحزم ضد القرارات المرتجلة التي تقوم أساسا على سوء الظن بها عند وزير يعتقد أنه وحده الشخص النظيف في الوزارة ، وأن كل من فيها غشاش ومحتال ومتهاون ….. وهيئة التفتيش يجب أن تحزم أمرها وألا تمكن الوزير من العبث بها كما يتعلم الحجامة في رؤوس اليتامى على حد تعبير المغاربة . ولا يكفي أن يطوف الوزير بالجهات ليخطب في المفتشين ، ويقول ما شاء ،ويصم أذنيه عما يقال له، وهو الآمر الناهي الذي لا معقب على كلامه أو لحكمه ، ويسمي ذلك استشارة للمفتشين ،وهو يسخر منهم ويعبث بهم عبث الغلام بالدمى والكراكيز. وليست أطر التفتيش دمى ولا كراكيز ولن تكون كذلك أبدا مهما كانت الظروف ، بل هي أطر المنظومة التربوية التي من مهامها حراستها من كل عبث. وكل عبث بجهاز التفتيش هو مؤامرة مبيتة ومكشوفة لإضعاف حراسة المنظومة لتصير في حكم السائبة كما صارت عبر قرارات وزراء سابقين كان ولاؤهم لأحزابهم ونقاباتهم ومصالحها المكشوفة ، ولم يكن للمنظومة ،ولذلك ابتدعوا البدع فيها ،ومكنوا أتباعهم من مناصب كان دونها خرط القتاد ،فصارت طوع كل من هب ودب بسبب الغطاءات الحزبية المكشوفة والبخسة ، ووزعت المناصب مجانا وصارت إلى جانب مناصب حقيقية نالها أصحابها بجد وكد وعمل مناصب مزورة بسبب قرارات وزارية طائشة . واليوم يطبخ الوزير الحالي طبخات مشبوهة لتمكين أتباع حزبه من نصيبهم من الكعكة السائبة ، وذلك على حساب المنظومة وأطرها. وتتحمل حكومة بنكيران كامل المسؤولية فيما سيلحق المنظومة التربوية وأطرها من المزيد من الكوارث بسبب إطلاق يد هذا الوزير الذي لا ضابط له فيها مع السكوت والتفرج على مسرحياته الهزلية ،بل وإعطاء تعليمات لنقابتها للتمكين له ليمضي في عبثه بأطر التفتيش ،وهم الأطر الذين كان من المفروض أن يستشاروا في مشاريع إصلاح المنظومة ـ يا حسرتاه ـ بسبب اختصاصهم و بسبب ما راكموه من خبرات وكفاءات في الفصول الدراسية كمدرسين وكمراقبين ومتتبعين للتدريس . ولن يكون مفتشو المغرب بدعا من مفتشي باقي دول العالم الذين تسند إليهم مهام إصلاح المنظومات التربوية . وإصلاح هيئة التفتيش لن يكون بتجريب هيكلة تلو الأخرى لأن المفتش سيبقى مفتشا مع كل هيكلة ، ولكنه لن يكون مفتشا أبدا عندما تسلب استقلاليته عن الأطراف التي قد تكون هي السبب المباشر في خراب المنظومة التربوية كما أثبتت ذلك واقع الحال والشواهد كثيرة إذا فتح هذا الملف بجد . وعندما يصير الخصم حكما ، فلا معنى للقضاء . والوزير يريد منظومة تربوية بلا قضاء يحرسها ويحميها من الابتذال والعبث والخراب الذي يهددها يوما بعد يوم . والغريب أن يجمع الوزير بين تصريحين على طرفي نقيض عبر وسائل الإعلام ،فمن جهة يدعي أن التعليم في المغرب في أحسن الأحوال ، ومن جهة أخرى يزعم أنه في خطر، ولسنا ندري أي القولين يصدق فيهما ؟ فإذا صدقنا قوله الأخير، وهو الأقرب للتصديق باعتبار واقع الحال ، واستنادا إلى خبرة جهاز مراقبة المنظومة التربوية كان الأجدر به أن يزيد هذا الجهاز المزيد من الصلاحيات مع تحسين ظروفه لتمكين هذه المنظومة من مراقبة أفضل صيانة لها من المزيد من الابتذال والعبث. وإذا كان المصير الذي ينتظر الوزير هو الرحيل لا محالة ، فإن جهاز المراقبة سيبقى ما بقيت المنظومة التربوية . وعلى حكومة أصحاب اللحى ـ إن كانت بالفعل لحى رجولة وتدين ـ أن تتدارك المنظومة التربوية وتوكل أمرها إلى رجل علم ومعرفة وخبرة وتربية فيه من الاتزان ما يناسبها قبل أن ينفجر برميل البارود في قطاع حساس لم يعد يتحمل المزيد من سخرية وتمشخير ساحة جامع الفنا .

الإشتراك في تعليقات نظام RSS التعليقات (0 منشور)

المجموع: | عرض:

أضف تعليقك